السبت، 18 فبراير 2012

حتى إذا فرحوا بما أوتوا ..



تسارع الأحداث وكثرة متابعتها تؤثر على القلب بشدة حتى يقسو ويُظلم ، ولا يُلينه ويُنيره إلا تجديد الإخلاص وكثرة العبادة ، ولا يكفي أن يبدأ العبد العمل بإخلاص ، بل لابد أن يتفقد إخلاصه على الدوام ؛ لأن الإخلاص قد يبدأ في العمل ثم ينخلع منه في وسطه ، فلابد من تعاهده ، وضرب مثلاً بمن يبدأ الصلاة مخلصاً لله فإذا رأى أحداً ينظر إليه زاد ظهور الخشوع عليه وأطال صلاته ، فهو قد بدأ بالإخلاص فعلاً ، لكن طرأ عليه الرياء والعجب ، وهي آفة لازمة ؛ إذ أن الشيطان لا يترك للعبد عبادة دون أن يحاول إفسادها ، وهذا ينطبق على كل العبادات ..

الفتن في زماننا تحتاج رسوخاً لا يقدر عليه بشر ، فاستعينوا برب البشر ، واحذروا أن نكون ممن قال الله فيهم : ( وَلَقَدْ أَرْسَلنَآ إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ فَلَوْلا إِذْ جَاءهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ وَلَـكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ ) وهذه الآيه فى منتهى الخطورة ..

فقد قص الله علينا في القرآن أخبار الأمم السابقة لنأخذ منها العبرة والعظة حتى لا يصيبنا ما أصابهم
وقد ذكر الله في الآية السابقة "سيناريو" كوني لا يتخلف ، وهو أنه سبحانه يبتلي الأمم بالبأساء والضراء حتى يرجعوا إليه ويتضرعوا إليه سبحانه ، لكنهم كانوا يتركون التضرع إلى الله ويعملون أعمالاً أخرى لدفع هذه البأساء ، ويزين الشيطان لهم هذه الأعمال أن فيها "المصلحة" وأنها هي الحلول الصحيحة لهذا الوضع المعقد البئيس الذي هم فيه ، فيعاتبهم رب العزة تبارك اسمه : ((( فَلَوْلا إِذْ جَاءهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ ))) ، لماذا تركوا هذا العلاج رغم أنه لم يُبتلوا إلا لأجل ان يلجأوا إليه أصلاً ؟؟ ابتلاهم الله بالطواغيت فكانوا يتضرعون ، فكشف عنهم الكرب جزئياً بفضل
تضرعهم ، فبدلاً من أن يزداد هذا التضرع ليُتم الله عليهم نصره إذا بهم ينصرفون عن العلاج ويتيهون فيما زينه لهم الشيطان مما "ابتكرته" عقولهم حتى تركوا التضرع بالكلية أو كادوا ، فأنزل الله بهم البأساء مرة أخرى ليتذكروا ، فلم يرجعوا وبقوا في غيهم سادرون ، فلما نسوا هذه الذكرى : فتح الله لهم أبواب كل شيء ، أراهم ما يُحبون من النصر والعز والمنعة ، وأكثر لهم البركات والخيرات ((( حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ ))) ، فياله من وعيد ينتظرنا إن بقينا على ترك التضرع والانشغال بما زينه لنا الشيطان ، وعيدٌ  مُغلف بنصر مُفرح كهذا الذي رأيناه بعد أن دخلنا البرلمان

إنه لقول فصل ، وما هو بالهزل



فيا رب سلم سلم
(( منقول))





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق