الأحد، 28 يوليو 2013

ومضات على الطريق ..


‫#‏اثبت_مكانك‬ ‫#‏من_هنا_وهناك‬

** ومضات على الطريق **

 ثقافة أننا نحدد شكلاً معيناً للنصر النهائي المطلوب الوصول لابد أن تتغير -  

نحن لا نحدد لربنا شكلاً لنصرنا ورفعتنا ، بل نقوم بما أوجبه الله علينا فنكون قد حققنا هدفنا ، وهو : التعبد لله بفعل ما نحن مأمورون به ، وتبليع رسالة الله إلى عباده 

استجاب الناس أم لا ؟ مش شغلنا 

وصلنا للحكم أم لا ؟ برضه مش شغلنا 

هي دي الفكرة اللي لازم تبقى أمامنا 

الله طلب منا تبيلغ دينه وإقامته في أنفسنا وفي حدود ولايتنا ، ولم يأمرنا بالوصول إلى الحكم لتمكين الدين !!

 نحن مطالبون شرعاً بالسعي إلى تحكيم الشرع قدر استطاعتنا وفي حدود قدرتنا .. ولسنا مطالبين شرعاً بحرق أنفسنا وتحميلها ما لا طاقة لنا به لأجل أن نصل إلى هذه اللحظة 

ولهذا لا يضيرنا ما سيحدث مستقبلاً إذا نحن إلتزمنا العمل بما نرى أنه ما يرضي الله وما نرى أنه الواجب شرعاً في كل موقف ، بل نرضى به ؛ فهو قضاء الله وقدره علينا بعد أن اجتهدنا في إرضائه ..

التمكين ليس غاية ولا هدفاً ، وإنما هو منحة ربانية يتوج بها ربنا من إلتزموا أمره   ونهيه 

 ونريد أن نمن على الذين استُضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ونمكن لهم في الأرض  

قال : ((( نمن ))) ، فهي منة منه سبحانه .. ومنن الله لا تأتي إلا بمحض فضل منه ، لا بسعينا للحصول عليها بجهدنا .. بل يمن الله بها على أقوام قال عنهم : ((( الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ))) ، وقال عنهم : فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة   على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم  

لما نبقى كدة = ربنا سيمن علينا بالتمكين 

 لا يوجد أى مبرر للتخلى عن أخلاقنا ومنهجنا مع المخالفين أثناء المحن والفتن ،   قال صلى الله عليه وسلم : 
(( ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء  )) 
!! ولم يقل إلا فى حالة الخلاف مع الآخر 

 الله عز وجل منع المطر عن بني إسرائيل حتى كادوا أن يهلكوا بسبب معصية "شخص واحد" منهم !!

ورفض الله قبول جهاد بني إسرائيل مع أحد أنبيائهم بسبب أن "شخصاً واحداً" منهم غلَّ من الغنيمة قبل تقسيمها !!

ولهذا وجبت مراجعة أنفسنا واتهامها أولاً ، والعمل على إصلاحها بأقصى ممكن 

((بذنوبنا))

 يجب أن نضع نصب أعيننا أنه لا أحد سينفعنا بين يدي الله -  
وأنه لا ينبغي أن يسبقنا أحد إلى الله 
وإذا علمنا أحداً فعل عبادة ما = نجتهد أن نفعل مثله ونزيد عليها 

ليالي عشر رمضان أفضل من ليالي عشر ذي الحجة ، تماماً مثلما نهار عشر ذي الحجة أفضل من نهار عشر رمضان .. فاحفزوا هذه الليالي العشر لله 

نحاول قدر الإمكان المحافظة على العشاء والتراويح كاملة والتهجد كاملاً والفجر في جماعة مع الإمام ، حتى نُكتب من قائمي هذه الليالي ؛ ففيها ليلة القدر التي من قامها إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه .. ولنجعل لبيوتنا نصيباً من الصلاة في هذه الليالي 

- فلنحفظ هيبة العلماء جميعاً في قلوبنا ، ولا نجعل مواقفهم تُسقطنا من أعيننا ولا تقلل من مكانهم في القلب ؛ فإنهم بشر يرضون ويغضبون ويحسنون ويسيئون ، لكن الله يعفو عنهم لسبقهم وعلمهم وفضلهم على الناس ، ولهم من الحسنات ما يشفع لهم عند ربهم ، والله سيرضي بعضهم على بعض يوم يلقونه إن لم يعجل لهم بهذا في الدنيا ، أما نحن فليس لنا من الحسنات ما يشفع لنا بغينا على أوليائه !!

نسأل الله لنا ولكم الثبات وحُسن الخلق .. 

لا تنسونا من صالح دعائكم ..

الثلاثاء، 16 يوليو 2013

اصبروا ، وصابروا ، ورابطوا ، واتقوا الله .. لعلكم تفلحون

ثم يجيء الإيقاع الأخير، في نداء الله للذين آمنوا، وتلخيص أعباء المنهج، وشرط الطريق :
  
 ..{يا أيها الذين آمنوا اصبروا، وصابروا، ورابطوا، واتقوا الله لعلكم تفلحون}

إنه النداء العلوي للذين آمنوا. نداؤهم بالصفة التي تربطهم بمصدر النداء ..

والتي تلقي عليهم هذه الأعباء. والتي تؤهلهم للنداء وتؤهلهم للأعباء، وتكرمهم في الأرض كما تكرمهم في السماء :

{
يا أيها الذين آمنوا}

النداء لهم .. للصبر والمصابرة، والمرابطة والتقوى ..
 
وسياق السورة حافل بذكر الصبر وبذكر التقوى.. يذكران مفردين، ويذكران مجتمعين.. وسياق السورة حافل كذلك بالدعوة إلى الاحتمال والمجاهدة ودفع الكيد وعدم الاستماع لدعاة الهزيمة والبلبلة، ومن ثم تختم السورة بالدعوة إلى الصبر والمصابرة، وإلى المرابطة والتقوى، فيكون هذا أنسب ختام .

والصبر هو زاد الطريق في هذه الدعوة. إنه طريق طويل شاق، حافل بالعقبات والأشواك مفروش بالدماء والأشلاء وبالإيذاء والابتلاء.. الصبر على أشياء كثيرة : الصبر على شهوات النفس ورغائبها، وأطماعها ومطامحها، وضعفها ونقصها، وعجلتها وملالها من قريب! والصبر على شهوات الناس ونقصهم وضعفهم وجهلهم وسوء تصورهم، وانحراف طباعهم، وأثرتهم، وغرورهم، والتوائهم، واستعجالهم للثمار! والصبر على تنفج الباطل، ووقاحة الطغيان، وانتفاش الشر، وغلبة الشهوة، وتصعير الغرور والخيلاء! والصبر على قلة الناصر، وضعف المعين، وطول الطريق ووساوس الشيطان في ساعات الكرب والضيق! والصبر على مرارة الجهاد لهذا كله، وما تثيره في النفس من انفعالات متنوعة. من الألم والغيظ، والحنق، والضيق، وضعف الثقة أحياناً في الخير، وقلة الرجاء أحياناً في الفطرة البشرية؛ والملل والسأم واليأس أحياناً والقنوط! والصبر بعد ذلك كله على ضبط النفس في ساعة القدرة والانتصار والغلبة، واستقبال الرخاء في تواضع وشكر، وبدون خيلاء وبدون اندفاع إلى الانتقام، وتجاوز القصاص الحق إلى الاعتداء! والبقاء في السراء والضراء على صلة بالله، واستسلام لقدره، ورد الأمر إليه كله في طمأنينة وثقة وخشوع ..

والصبر على هذا كله- وعلى مثله- مما يصادف السالك في هذا الطريق الطويل.. لا تصوره حقيقة الكلمات. فالكلمات لا تنقل المدلول الحقيقي لهذه المعاناة .. إنما يدرك هذا المدلول من عانى مشقات الطريق؛ وتذوقها انفعالات وتجارب ومرارات !

والذين آمنوا كانوا قد ذاقوا جوانب كثيرة من ذلك المدلول الحقيقي. فكانوا أعرف بمذاق هذا النداء. كانوا يعرفون معنى الصبر الذي يطلب الله إليهم أن يزاولوه ..

والمصابرة.. وهي مفاعلة من الصبر.. مصابرة هذه المشاعر كلها، ومصابرة الأعداء الذين يحاولون جاهدين أن يفلوا من صبر المؤمنين.. مصابرتها ومصابرتهم، فلا ينفد صبر المؤمنين على طول المجاهدة. بل يظلون أصبر من أعدائهم وأقوى : أعدائهم من كوامن الصدور، وأعدائهم من شرار الناس سواء. فكأنما هو رهان وسباق بينهم وبين أعدائهم، يدعون فيه إلى مقابلة الصبر بالصبر، والدفع بالدفع، والجهد بالجهد، والإصرار بالإصرار.. ثم تكون لهم عاقبة الشوط بأن يكونوا أثبت وأصبر من الأعداء.. وإذا كان الباطل يصر ويصبر ويمضي في الطريق، فما أجدر الحق أن يكون أشد إصراراً وأعظم صبراً على المضي في الطريق !

والمرابطة .. الإقامة في مواقع الجهاد، وفي الثغور المعرضة لهجوم الأعداء.. وقد كانت الجماعة المسلمة لا تغفل عيونها أبداً ولا تستسلم للرقاد! فما هادنها أعداؤها قط، منذ أن نوديت لحمل أعباء الدعوة، والتعرض بها للناس
وما يهادنها أعداؤها قط في أي زمان أو في أي مكان وما تستغني عن المرابطة للجهاد، حيثما كانت إلى آخر الزمان !

إن هذه الدعوة تواجه الناس بمنهج حياة واقعي. منهج يتحكم في ضمائرهم، كما يتحكم في أموالهم، كما يتحكم في نظام حياتهم ومعايشهم. منهج خير عادل مستقيم. ولكن الشر لا يستريح للمنهج الخير العادل المستقيم؛ والباطل لا يحب الخير والعدل والاستقامة؛ والطغيان لا يسلم للعدل والمساواة والكرامة.. ومن ثم ينهد لهذه الدعوة أعداء من أصحاب الشر والباطل والطغيان. ينهد لحربها المستنفعون المستغلون الذين لا يريدون أن يتخلوا عن الاستنفاع والاستغلال. وينهد لحربها الطغاة المستكبرون الذين لا يريدون أن يتخلوا عن الطغيان والاستكبار. وينهد لحربها المستهترون المنحلون، لأنهم لا يريدون أن يتخلوا عن الانحلال والشهوات.. ولا بد من مجاهدتهم جميعاً. ولا بد من الصبر والمصابرة. ولا بد من المرابطة والحراسة. كي لا تؤخذ الأمة المسلمة على غرة من أعدائها الطبيعيين، الدائمين في كل أرض وفي كل جيل ..
هذه طبيعة هذه الدعوة، وهذا طريقها.. إنها لا تريد أن تعتدي؛ ولكن تريد أن تقيم في الأرض منهجها القويم ونظامها السليم.. وهي واجدة أبداً من يكره ذلك المنهج وهذا النظام. ومن يقف في طريقها بالقوة والكيد. ومن يتربص بها الدوائر. ومن يحاربها باليد والقلب واللسان.. ولا بد لها أن تقبل المعركة بكل تكاليفها، ولا بد لها أن ترابط وتحرس ولا تغفل لحظة ولا تنام !!

والتقوى .. التقوى تصاحب هذا كله. فهي الحارس اليقظ في الضمير يحرسه أن يغفل؛ ويحرسه أن يضعف؛ ويحرسه أن يعتدي؛ ويحرسه أن يحيد عن الطريق من هنا ومن هناك .

ولا يدرك الحاجة إلى هذا الحارس اليقظ، إلا من يعاني مشاق هذا الطريق؛ ويعالج الانفعالات المتناقضة المتكاثرة المتواكبة في شتى الحالات وشتى اللحظات ..

إنه الإيقاع الأخير في السورة التي حوت ذلك الحشد من الإيقاعات. وهو جماعها كلها، وجماع التكاليف التي   تفرضها هذه الدعوة في عمومها.. ومن ثم يعلق الله بها عاقبة الشوط الطويل وينوط بها الفلاح في هذا المضمار
 .{لعلكم تفلحون}
وصدق الله العظيم .

(( فى ظلال القرآن ))