الأحد، 28 يوليو 2013

ومضات على الطريق ..


‫#‏اثبت_مكانك‬ ‫#‏من_هنا_وهناك‬

** ومضات على الطريق **

 ثقافة أننا نحدد شكلاً معيناً للنصر النهائي المطلوب الوصول لابد أن تتغير -  

نحن لا نحدد لربنا شكلاً لنصرنا ورفعتنا ، بل نقوم بما أوجبه الله علينا فنكون قد حققنا هدفنا ، وهو : التعبد لله بفعل ما نحن مأمورون به ، وتبليع رسالة الله إلى عباده 

استجاب الناس أم لا ؟ مش شغلنا 

وصلنا للحكم أم لا ؟ برضه مش شغلنا 

هي دي الفكرة اللي لازم تبقى أمامنا 

الله طلب منا تبيلغ دينه وإقامته في أنفسنا وفي حدود ولايتنا ، ولم يأمرنا بالوصول إلى الحكم لتمكين الدين !!

 نحن مطالبون شرعاً بالسعي إلى تحكيم الشرع قدر استطاعتنا وفي حدود قدرتنا .. ولسنا مطالبين شرعاً بحرق أنفسنا وتحميلها ما لا طاقة لنا به لأجل أن نصل إلى هذه اللحظة 

ولهذا لا يضيرنا ما سيحدث مستقبلاً إذا نحن إلتزمنا العمل بما نرى أنه ما يرضي الله وما نرى أنه الواجب شرعاً في كل موقف ، بل نرضى به ؛ فهو قضاء الله وقدره علينا بعد أن اجتهدنا في إرضائه ..

التمكين ليس غاية ولا هدفاً ، وإنما هو منحة ربانية يتوج بها ربنا من إلتزموا أمره   ونهيه 

 ونريد أن نمن على الذين استُضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ونمكن لهم في الأرض  

قال : ((( نمن ))) ، فهي منة منه سبحانه .. ومنن الله لا تأتي إلا بمحض فضل منه ، لا بسعينا للحصول عليها بجهدنا .. بل يمن الله بها على أقوام قال عنهم : ((( الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ))) ، وقال عنهم : فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة   على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم  

لما نبقى كدة = ربنا سيمن علينا بالتمكين 

 لا يوجد أى مبرر للتخلى عن أخلاقنا ومنهجنا مع المخالفين أثناء المحن والفتن ،   قال صلى الله عليه وسلم : 
(( ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء  )) 
!! ولم يقل إلا فى حالة الخلاف مع الآخر 

 الله عز وجل منع المطر عن بني إسرائيل حتى كادوا أن يهلكوا بسبب معصية "شخص واحد" منهم !!

ورفض الله قبول جهاد بني إسرائيل مع أحد أنبيائهم بسبب أن "شخصاً واحداً" منهم غلَّ من الغنيمة قبل تقسيمها !!

ولهذا وجبت مراجعة أنفسنا واتهامها أولاً ، والعمل على إصلاحها بأقصى ممكن 

((بذنوبنا))

 يجب أن نضع نصب أعيننا أنه لا أحد سينفعنا بين يدي الله -  
وأنه لا ينبغي أن يسبقنا أحد إلى الله 
وإذا علمنا أحداً فعل عبادة ما = نجتهد أن نفعل مثله ونزيد عليها 

ليالي عشر رمضان أفضل من ليالي عشر ذي الحجة ، تماماً مثلما نهار عشر ذي الحجة أفضل من نهار عشر رمضان .. فاحفزوا هذه الليالي العشر لله 

نحاول قدر الإمكان المحافظة على العشاء والتراويح كاملة والتهجد كاملاً والفجر في جماعة مع الإمام ، حتى نُكتب من قائمي هذه الليالي ؛ ففيها ليلة القدر التي من قامها إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه .. ولنجعل لبيوتنا نصيباً من الصلاة في هذه الليالي 

- فلنحفظ هيبة العلماء جميعاً في قلوبنا ، ولا نجعل مواقفهم تُسقطنا من أعيننا ولا تقلل من مكانهم في القلب ؛ فإنهم بشر يرضون ويغضبون ويحسنون ويسيئون ، لكن الله يعفو عنهم لسبقهم وعلمهم وفضلهم على الناس ، ولهم من الحسنات ما يشفع لهم عند ربهم ، والله سيرضي بعضهم على بعض يوم يلقونه إن لم يعجل لهم بهذا في الدنيا ، أما نحن فليس لنا من الحسنات ما يشفع لنا بغينا على أوليائه !!

نسأل الله لنا ولكم الثبات وحُسن الخلق .. 

لا تنسونا من صالح دعائكم ..

الثلاثاء، 16 يوليو 2013

اصبروا ، وصابروا ، ورابطوا ، واتقوا الله .. لعلكم تفلحون

ثم يجيء الإيقاع الأخير، في نداء الله للذين آمنوا، وتلخيص أعباء المنهج، وشرط الطريق :
  
 ..{يا أيها الذين آمنوا اصبروا، وصابروا، ورابطوا، واتقوا الله لعلكم تفلحون}

إنه النداء العلوي للذين آمنوا. نداؤهم بالصفة التي تربطهم بمصدر النداء ..

والتي تلقي عليهم هذه الأعباء. والتي تؤهلهم للنداء وتؤهلهم للأعباء، وتكرمهم في الأرض كما تكرمهم في السماء :

{
يا أيها الذين آمنوا}

النداء لهم .. للصبر والمصابرة، والمرابطة والتقوى ..
 
وسياق السورة حافل بذكر الصبر وبذكر التقوى.. يذكران مفردين، ويذكران مجتمعين.. وسياق السورة حافل كذلك بالدعوة إلى الاحتمال والمجاهدة ودفع الكيد وعدم الاستماع لدعاة الهزيمة والبلبلة، ومن ثم تختم السورة بالدعوة إلى الصبر والمصابرة، وإلى المرابطة والتقوى، فيكون هذا أنسب ختام .

والصبر هو زاد الطريق في هذه الدعوة. إنه طريق طويل شاق، حافل بالعقبات والأشواك مفروش بالدماء والأشلاء وبالإيذاء والابتلاء.. الصبر على أشياء كثيرة : الصبر على شهوات النفس ورغائبها، وأطماعها ومطامحها، وضعفها ونقصها، وعجلتها وملالها من قريب! والصبر على شهوات الناس ونقصهم وضعفهم وجهلهم وسوء تصورهم، وانحراف طباعهم، وأثرتهم، وغرورهم، والتوائهم، واستعجالهم للثمار! والصبر على تنفج الباطل، ووقاحة الطغيان، وانتفاش الشر، وغلبة الشهوة، وتصعير الغرور والخيلاء! والصبر على قلة الناصر، وضعف المعين، وطول الطريق ووساوس الشيطان في ساعات الكرب والضيق! والصبر على مرارة الجهاد لهذا كله، وما تثيره في النفس من انفعالات متنوعة. من الألم والغيظ، والحنق، والضيق، وضعف الثقة أحياناً في الخير، وقلة الرجاء أحياناً في الفطرة البشرية؛ والملل والسأم واليأس أحياناً والقنوط! والصبر بعد ذلك كله على ضبط النفس في ساعة القدرة والانتصار والغلبة، واستقبال الرخاء في تواضع وشكر، وبدون خيلاء وبدون اندفاع إلى الانتقام، وتجاوز القصاص الحق إلى الاعتداء! والبقاء في السراء والضراء على صلة بالله، واستسلام لقدره، ورد الأمر إليه كله في طمأنينة وثقة وخشوع ..

والصبر على هذا كله- وعلى مثله- مما يصادف السالك في هذا الطريق الطويل.. لا تصوره حقيقة الكلمات. فالكلمات لا تنقل المدلول الحقيقي لهذه المعاناة .. إنما يدرك هذا المدلول من عانى مشقات الطريق؛ وتذوقها انفعالات وتجارب ومرارات !

والذين آمنوا كانوا قد ذاقوا جوانب كثيرة من ذلك المدلول الحقيقي. فكانوا أعرف بمذاق هذا النداء. كانوا يعرفون معنى الصبر الذي يطلب الله إليهم أن يزاولوه ..

والمصابرة.. وهي مفاعلة من الصبر.. مصابرة هذه المشاعر كلها، ومصابرة الأعداء الذين يحاولون جاهدين أن يفلوا من صبر المؤمنين.. مصابرتها ومصابرتهم، فلا ينفد صبر المؤمنين على طول المجاهدة. بل يظلون أصبر من أعدائهم وأقوى : أعدائهم من كوامن الصدور، وأعدائهم من شرار الناس سواء. فكأنما هو رهان وسباق بينهم وبين أعدائهم، يدعون فيه إلى مقابلة الصبر بالصبر، والدفع بالدفع، والجهد بالجهد، والإصرار بالإصرار.. ثم تكون لهم عاقبة الشوط بأن يكونوا أثبت وأصبر من الأعداء.. وإذا كان الباطل يصر ويصبر ويمضي في الطريق، فما أجدر الحق أن يكون أشد إصراراً وأعظم صبراً على المضي في الطريق !

والمرابطة .. الإقامة في مواقع الجهاد، وفي الثغور المعرضة لهجوم الأعداء.. وقد كانت الجماعة المسلمة لا تغفل عيونها أبداً ولا تستسلم للرقاد! فما هادنها أعداؤها قط، منذ أن نوديت لحمل أعباء الدعوة، والتعرض بها للناس
وما يهادنها أعداؤها قط في أي زمان أو في أي مكان وما تستغني عن المرابطة للجهاد، حيثما كانت إلى آخر الزمان !

إن هذه الدعوة تواجه الناس بمنهج حياة واقعي. منهج يتحكم في ضمائرهم، كما يتحكم في أموالهم، كما يتحكم في نظام حياتهم ومعايشهم. منهج خير عادل مستقيم. ولكن الشر لا يستريح للمنهج الخير العادل المستقيم؛ والباطل لا يحب الخير والعدل والاستقامة؛ والطغيان لا يسلم للعدل والمساواة والكرامة.. ومن ثم ينهد لهذه الدعوة أعداء من أصحاب الشر والباطل والطغيان. ينهد لحربها المستنفعون المستغلون الذين لا يريدون أن يتخلوا عن الاستنفاع والاستغلال. وينهد لحربها الطغاة المستكبرون الذين لا يريدون أن يتخلوا عن الطغيان والاستكبار. وينهد لحربها المستهترون المنحلون، لأنهم لا يريدون أن يتخلوا عن الانحلال والشهوات.. ولا بد من مجاهدتهم جميعاً. ولا بد من الصبر والمصابرة. ولا بد من المرابطة والحراسة. كي لا تؤخذ الأمة المسلمة على غرة من أعدائها الطبيعيين، الدائمين في كل أرض وفي كل جيل ..
هذه طبيعة هذه الدعوة، وهذا طريقها.. إنها لا تريد أن تعتدي؛ ولكن تريد أن تقيم في الأرض منهجها القويم ونظامها السليم.. وهي واجدة أبداً من يكره ذلك المنهج وهذا النظام. ومن يقف في طريقها بالقوة والكيد. ومن يتربص بها الدوائر. ومن يحاربها باليد والقلب واللسان.. ولا بد لها أن تقبل المعركة بكل تكاليفها، ولا بد لها أن ترابط وتحرس ولا تغفل لحظة ولا تنام !!

والتقوى .. التقوى تصاحب هذا كله. فهي الحارس اليقظ في الضمير يحرسه أن يغفل؛ ويحرسه أن يضعف؛ ويحرسه أن يعتدي؛ ويحرسه أن يحيد عن الطريق من هنا ومن هناك .

ولا يدرك الحاجة إلى هذا الحارس اليقظ، إلا من يعاني مشاق هذا الطريق؛ ويعالج الانفعالات المتناقضة المتكاثرة المتواكبة في شتى الحالات وشتى اللحظات ..

إنه الإيقاع الأخير في السورة التي حوت ذلك الحشد من الإيقاعات. وهو جماعها كلها، وجماع التكاليف التي   تفرضها هذه الدعوة في عمومها.. ومن ثم يعلق الله بها عاقبة الشوط الطويل وينوط بها الفلاح في هذا المضمار
 .{لعلكم تفلحون}
وصدق الله العظيم .

(( فى ظلال القرآن )) 

الأحد، 23 ديسمبر 2012

من هدي الرسول صلى الله عليه وسلم في بناء الأمة ..



حتى لا يطول الجدل ويتكرر الكلام : كلمتين مختصرتين لتشخيص الأزمة

 : إن أزمتنا الحقيقة أننا أصبحنا نزن الأمور كلها بموازين السياسة الدنيوية ، وتركنا ما أمرنا الله به 

 (((لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة)))

وقد جعل الله تبارك وتعالى في حياة رسوله صلى الله عليه وسلم من الأحداث ما يكفي أهل الإسلام إلى قيام الساعة لتلمس التطبيق النبوي لهدي القرآن في أي مرحلة من مراحل الصراع مع الباطل وبكل الطرق ، فقد استخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم كل الوسائل : من حرب الهجوم والدفاع والتبييت والمهادنة والمعاهدة والخديعة في الحرب والدعوة السلمية والحصار والاغتيال والمراسلة والهدايا ... إلى آخر هذه الوسائل ؛ لتوضيح أوقاتها وضوابطها ، ببراعة مذهلة ودقة بالغة سدده فيها وحي الله له ليكون القدوة في كل هذه الأمور التي انتظمها القرآن العظيم أروع انتظام

لكن دار الزمان دورته ، والتمس المسلمون فنون السياسة في كتب العلوم السياسية ، ونسوا المنهل العذب الزلال في سيرة خير الخلق صلى الله عليه وسلم ليتعلموا منه صلى الله عليه وسلم إن كانوا في وقت استضعاف وتتكالب الأمم عليهم : كيف يُنشئون دولتهم 

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في مكة مُضطهداً هو وأصحابه ، حتى أمرهم بالهجرة إلى الحبشة مرتين فراراً من بطش قريش ، فخرج من خرج ، كما بقي من بقي تحت بطش قريش .. ودار الزمان وتكرر المشهد : فخرج من خرج من مصر فراراً من بطش مبارك وزبانيته ، وبقي من بقي تدور عليه آلة العذاب .. فمن كانت له منعة وعصبة كان أهون عذاباً من غيره 

وكان صلى الله عليه وسلم يبحث عن من يحميه وأصحابه من أذى قريش حتى يُبلغ دين الله ، فهو لا يسعى لملك ولا رياسة ، وإنما يريد من الملك إقامة العبودية .. فكان يخرج في المواسم يقول للناس : من يؤويني حتى أبلغ رسالة ربي وله الجنة ؟

وفي أحد المواسم قابل وفد "بني شيبان بن ثعلبة" ، وعرض عليهم دعوته ، فاستحسنوها ، وقرأ عليهم القرآن فأعجبوا به جداً ، وقصتهم طويلة ورائعة أقتصر منها على نهايتها ، حيث قال له "المثنى بن حارثة" أحد كبرائهم : سمعت مقالتك يا أخا قريش ، والجواب فيه جواب "هانىء بن قبيصة" في تركنا ديننا ومتابعتك على       دينك ، وإنا إنما نزلنا بين صريين : اليمامة ، والسمامة  

فقال عليه السلام :

 ((ما هذان الصريان ))

فقال "المثنى" :  أنهار كسرى ، ومياه العرب .. فأما ما كان من أنهار كسرى : فذنب صاحبه غير مغفور وعذره غير مقبول .. وأما ماكان مما يلي مياه العرب : فذنب صاحبه مغفور وعذره مقبول .. وإنا إنما نزلنا على عهد أخذه علينا أن لا نحدث حدثا ولا نؤوي محدثا .. وإني أرى أن هذا الأمر الذي تدعونا إليه يا قرشي مما يكره الملوك .. فإن أحببت أن نؤويك وننصرك مما يلي مياه العرب : فعلنا

: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم

ما أسأتم في الرد إذ أفصحتم بالصدق .. وإن دين الله لن ينصره إلا من حاطه من جميع جوانبه

وانصرف صلى الله عليه وسلم

واستمر في عرض نفسه على القبائل كل عام ، حتى أتاه وفد الأنصار
ولما هم الرسول ببيعتهم قال "أسعد بن زرارة" : يا معشر الخزرج : هل تدرون علام تبايعون هذا الرجل ؟ إنكم تبايعونه على حرب الأحمر والأسود من الناس !! وأن ترميكم الناس عن قوس واحدة !! وقتل خياركم !! فإن كنتم ترون أنكم إذا نهكت أموالكم مصيبةً وأشرافكم قتلاً أسلمتموه : فمن الآن ؛ فهو والله إن فعلتم خزي الدنيا والآخرة .. وإن كنتم ترون أنكم وافون له بما دعوتموه إليه على نهكة الأموال وقتل الأشراف : فخذوه ؛ فهو والله خير الدنيا والآخرة

 : قالوا 

فإنا نأخذه على مصيبة الأموال وقتل الأشراف .. فما لنا بذلك يا رسول الله إن نحن وفينا بذلك ؟

 : قال  

((الجنة))

 :قالوا  

ابسط يدك .. فبسط يده ، فبايعوه 

فالوعد الوحيد لهم : الجنة ، لا تمكين الدنيا
والثمن واضح : حرب الأحمر والأسود من الناس ، وأن ترميكم الناس عن قوس واحدة ، وقتل خياركم
والطريق : حياطة الدين من جميع جوانبه

وكان يمكن له عليه السلام أن يقبل بيعة بني شيبان بن ثعلبة ولو مؤقتاً ، على اعتبار أنه يُعذب من قريش الآن ، ويحتاج الحماية منهم فقط ، وماله وكسرى ؟؟

لكنه درس مهم لنا : ألا تتنازل في إقامة دولتك ، ولا تقمها إلا على أيدي رجال يحوطون دين الله من جميع جوانبه ، فلن تقوم دولة الإسلام إلا على أيدي هؤلاء .. ولا تبتغي رضا "كسرى" ولا غيره من إمبراطوريات الكفر مهما بلغ جبروتها ؛ فلن يرضوا عند أبداً كما قال سبحانه : (((ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم))) ، فعلق رضاهم بالانسلاخ من الدين ، فاعلم أنهم إن رضوا عنك فقد انحرفت عن دينك قطعاً بنص القرآن

والروم (أوروبا وأمريكا) أخطر من كسرى ؛ ففي صحيح مسلم أن "المستورد القرشي" قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ((تقوم الساعة والروم أكثر الناس)) ، فقال "عمرو بن العاص" لـ"المستورد" : ((لئن قلت ذلك إن فيهم لخصالاً أربعاً : إنهم لأحلم الناس عند فتنة ، وأسرعهم إفاقة بعد مصيبة ، وأوشكهم كرة بعد فرة ، وخيرهم لمسكين ويتيم وضعيف ، وخامسة حسنة جميلة : وأمنعهم من ظلم الملوك))
فالروم لا تستخفهم الفتن لحلمهم ، وإذا أصيبوا بمصيبة أفاقوا منها بسرعة ، وإذا انهزموا كانت عودتهم للانتقام سريعة .. فلا تأمن خداع ودهاء قوم كانت هذه صفاتهم

بل قبل كل هذا عرضت قريش على رسول الله عرضاً لو عُرض على ساسة اليوم لرأوه فرصة لابد من اهتبالها ، فقد عرضوا عليه أن يعبدوا إلهه سنة ويعبد إلههم سنة ، فكان من اليسير أن يوافق على أن يبدوا بعبادة إلهه أولاً : فتكون الفائدة أن رُفع العذاب عن المؤمنين سنة كاملة ، ورُفعت فيها القيود عنه لتبليغ دينه ، فيشتد عود المؤمنين في هذه السنة ، حتى إذا انتهت : كانت شوكة المسلمين قد قويت ، فينبذ إليهم عهدهم إن لم يكونوا قد آمنوا أصلاً جميعاً أو آمن كبراؤهم على الأقل .. لكنهم أبى صلى الله عليه وسلم رغم أنه ما كان سيخسر في نظر من ينظر إلى الأمر بمقاييس السياسة

لكن سياسة المسلمين لا تُتعلم في مناهج العلوم السياسية الدنيوية ، وإنما تُتلقى من الوحي المعصوم عن رب العزة تبارك اسمه ، وقد علم الله رسوله قاعدة سياسية فاصلة في عقيدة المسلمين ، فقال سبحانه : (((ودوا لو تُدهن فيدهنون))) ، يعني : ودوا لو تتنازل عن شيء قليل من الحق الذي معك وسوف يتنازلون هم أيضاً عن أشياء مما معهم للوصول إلى حل "توافقي" ترضون به جميعاً

 : لكن الله ثبت الرسول كي لا يقبل بهذا التوافق الذي يرضى به أهل الدنيا إذا لم يصطحبوا تعليم الوحي  

(((ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئاً قليلاً)))

وماذا يا رب لو ركنت إليهم شيئاً قليلاً ؟؟

(((إذاً لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد لك علينا نصيراً)))

طيب لما لم أركن إليهم هل سيسكتون يا رب ؟؟

(((وإن كادوا ليستفزونك من الأرض ليخرجوك منها)))

وهل ستتركهم يا رب ؟؟

(((وإذاً لا يلبثون خلافك إلا قليلاً .. سنة من أرسلنا قبلك من رسلنا ولن تجد لسنتنا تحويلاً)))

فكيف السبيل للتصدي لكيدهم هذا وقد منعتني من التوافق معهم يا رب ؟؟

(((أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهوداً .. ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً .. وقل رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطاناً نصيراً)))

طيب أعددنا الجيل ودعونا وتضرعنا ، فما الخطوة التالية يا رب ؟؟

(((وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا)))

فمن أين لنا بطريقة إزهاق الباطل ؟؟؟

(((وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خساراً)))

فلنبحث إذاً في القرآن

(((ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون ، وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين)))

لكنهم أشد قوة وأكثر عدداً وتقدماً

(((كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين)))

ياربنا قد جمعوا شملهم جميعاً في تحالفات كبرى ليرمونا عن قوس واحدة

(((الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل .. فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم .. إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين .. ولا يحزنك الذين يسارعون في الكفر إنهم لن يضروا الله شيئاً)))

سيحاصروننا اقتصادياً حتى نموت قبل أن نحاربهم

(((وفي السماء رزقكم وما توعدون .. فورب السماء والأرض إنه لحق مثلما أنتم تنطقون)))

لكننا نُبتلى يا رب بلاءً شديداً ويُذيق بأسنا بأس بعض

(((ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب وما كان الله ليطلعكم على الغيب)))

وهكذا في آيات كثيرة جداً لو تدبرها المؤمن بقلبه لوجد الإجابة على كل المعضلات السياسية والاجتماعية وغيرها بأنصح بيان وأوضح برهان ، قاطعة مجلجلة تأخذ بالألباب وتحلق بالإنسان في سماوات الإيمان ، بعيداً عن سفسطات السياسيين التي تزيد القلوب قسوة إلى قسوتها

ولو استرسل المرء لما توقف إلا بعد ربط القرآن بأكمله في سياق واحد ، حيث لكل حجة رد ، ولك سؤال إجابة ، بل ولكل رد وإجابة موقف عملي تطبيقي في سيرة الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم

ولكن أكثر الناس لا يعلمون

((منقول))




السبت، 13 أكتوبر 2012

لبيك ..



وحشتك أيام رمضان؟
وحشتك أيام الرحمة و المغفرة و العتق؟
نفسك يرجع تاني؟
فى فرصة تانية
اقتربت أعظم أيام الدهر

مشروعنا اسمه
 "لبيك"
لبيك كلمة يقولها الحاج، ليلبي نداء ربه
واحنا هنا مش معاهم لكن عايزين قلوبنا هى اللى تقولها
عايزين قلوبنا تقول لبيـــــــــــــك يا الله 
لبيــــــــــــك سأترك ما يغضبك
لبيــــــــــــك سأفعل ما يرضيك
لبيــــــــــــك لبيــــــــــــــك
فى مشروعنا هنتفق على حاجات نعملها مع بعض، هنذَّكر بعض، هننزل نعمل خير مع بعض، و طبعًا هانتابع بعض
هنحاول نخرج من الأيام دي بعلاقة مختلفة مع ربنا
كونوا معنا عشان قلوبنا تقولها 




الاثنين، 7 مايو 2012

أمسك عليك لسانك ..




الكلام في النَّاس، وأعراض المُسلمين كما يقول ابن دقيق العيد حُفرة من حُفر النَّار، يقول: وقف على شفيرها العُلماء والحُكَّام، ما دامُوا على شفيرها، وهُم مُضطرُّون للكلام في النَّاس فكيف بمن عافاهُ الله من هذه المسألة وهذه المُشكلة؟! لأنَّ الذِّي يتكلَّم في النَّاس ولو لحاجة لا يكاد أنْ يَسْلم؛ فإمَّا أنْ يزيد أو ينقص، فمن ابتُلي ونُصِبَ لهذا الأمر فليستعن بالله وليتحرَّ الإنصاف، ومن عافاهُ الله، فالسَّلامة لا يَعدلها شيء، وأَهَمُّ ما على الإنسان أنْ يُحافظ على مُكتسباتِهِ، فإذا كان يُنفق الأموال بالغَلَقِ والأبواب وخشية اللُّصُوص... فكيف بما يُنجيهِ يوم القيامة من الحسنات التِّي تعب على كسبها وتحصيلها ثُمَّ بعد ذلك فرَّقها على فُلان وعلاَّن مِمَّن لا يرتضيه؟! لأنَّ الذي يرتضيهم لا يأتيه من حسناته شيء...لماذا؟ لأنَّهُ لا يغتابهم؛ إنَّما يغتاب أُناس لا يرتضيهم، وحسناتُهُ تذهب إلى هؤُلاء الأشخاص الذِّين لا يرتضيهم، فعلى الإنسان أنْ يُحافظ، لا يأتي مُفلساً يوم القيامة، فتُوزِّع حسناته على خُصُومُهُ، فإذا لم يبقَ لهُ شيء انتهى من الحسنات، وإنْ بقي لهُم شيء أُخِذَ من سيِّئاتهِم وأُلقِيَت عليهِ فَطُرِح في النَّار نسأل الله السَّلامة والعافية؛ فعلى الإنسان أنْ يُحافظ على مُكتسباتِهِ، فإذا كان التَّفريط بالدَّراهم والدَّنانير جُنُون... فكيف بمن يُفرِّط بما هو بأمسِّ الحاجة إليه في يوم يجعل الولدانِ شيباً.

 عبدالكريم الخضير

السبت، 18 فبراير 2012

حتى إذا فرحوا بما أوتوا ..



تسارع الأحداث وكثرة متابعتها تؤثر على القلب بشدة حتى يقسو ويُظلم ، ولا يُلينه ويُنيره إلا تجديد الإخلاص وكثرة العبادة ، ولا يكفي أن يبدأ العبد العمل بإخلاص ، بل لابد أن يتفقد إخلاصه على الدوام ؛ لأن الإخلاص قد يبدأ في العمل ثم ينخلع منه في وسطه ، فلابد من تعاهده ، وضرب مثلاً بمن يبدأ الصلاة مخلصاً لله فإذا رأى أحداً ينظر إليه زاد ظهور الخشوع عليه وأطال صلاته ، فهو قد بدأ بالإخلاص فعلاً ، لكن طرأ عليه الرياء والعجب ، وهي آفة لازمة ؛ إذ أن الشيطان لا يترك للعبد عبادة دون أن يحاول إفسادها ، وهذا ينطبق على كل العبادات ..

الفتن في زماننا تحتاج رسوخاً لا يقدر عليه بشر ، فاستعينوا برب البشر ، واحذروا أن نكون ممن قال الله فيهم : ( وَلَقَدْ أَرْسَلنَآ إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ فَلَوْلا إِذْ جَاءهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ وَلَـكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ ) وهذه الآيه فى منتهى الخطورة ..

فقد قص الله علينا في القرآن أخبار الأمم السابقة لنأخذ منها العبرة والعظة حتى لا يصيبنا ما أصابهم
وقد ذكر الله في الآية السابقة "سيناريو" كوني لا يتخلف ، وهو أنه سبحانه يبتلي الأمم بالبأساء والضراء حتى يرجعوا إليه ويتضرعوا إليه سبحانه ، لكنهم كانوا يتركون التضرع إلى الله ويعملون أعمالاً أخرى لدفع هذه البأساء ، ويزين الشيطان لهم هذه الأعمال أن فيها "المصلحة" وأنها هي الحلول الصحيحة لهذا الوضع المعقد البئيس الذي هم فيه ، فيعاتبهم رب العزة تبارك اسمه : ((( فَلَوْلا إِذْ جَاءهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ ))) ، لماذا تركوا هذا العلاج رغم أنه لم يُبتلوا إلا لأجل ان يلجأوا إليه أصلاً ؟؟ ابتلاهم الله بالطواغيت فكانوا يتضرعون ، فكشف عنهم الكرب جزئياً بفضل
تضرعهم ، فبدلاً من أن يزداد هذا التضرع ليُتم الله عليهم نصره إذا بهم ينصرفون عن العلاج ويتيهون فيما زينه لهم الشيطان مما "ابتكرته" عقولهم حتى تركوا التضرع بالكلية أو كادوا ، فأنزل الله بهم البأساء مرة أخرى ليتذكروا ، فلم يرجعوا وبقوا في غيهم سادرون ، فلما نسوا هذه الذكرى : فتح الله لهم أبواب كل شيء ، أراهم ما يُحبون من النصر والعز والمنعة ، وأكثر لهم البركات والخيرات ((( حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ ))) ، فياله من وعيد ينتظرنا إن بقينا على ترك التضرع والانشغال بما زينه لنا الشيطان ، وعيدٌ  مُغلف بنصر مُفرح كهذا الذي رأيناه بعد أن دخلنا البرلمان

إنه لقول فصل ، وما هو بالهزل



فيا رب سلم سلم
(( منقول))





الخميس، 8 ديسمبر 2011

خاطرة حول قصة طالوت ..



إسقاط .. 

مرحلة : وقال لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم طالوت ملكاً (يقودكم في جهادكم ضد أعداء دين الله) ، قالوا أنى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه ولم يؤت سعة من المال (فليست له خبرة بالملك لأنه من سِبط لم يخرج منه ملوك من قبل ونحن من سبط الملوك) ، قال إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم (فجمع مقومات الملك وإن لم يمارسه من قبل واستقى الخبرة من التعلم من الآخرين مثل آحادكم من أبناء الملوك فكلكم لم يحكم من قبل وليس بمجرد انتسابكم إلى سبط الملوك فقد ورثتم خبرتهم) ، والله يؤتي ملكه من يشاء (فلله حكمة بالغة لا تدركها عقولكم في اختيار قادة الأمم) ، والله واسع عليم (يحيط ببواطن 
الناس ويعلم من يصلح منهم لكل مرحلة) .. فنجح أناس ، ورسب الأكثرون ..


 مرحلة أخرى : فلما فصل طالوت (قائد التمكين) بالجنود (من المؤمنين المجاهدين!) قال إن الله مبتليكم بنهر (متاع الدنيا ورياستها) ، فمن شرب منه (انكب عليها وعمل لها) فليس مني (لمخالفته ما أٌمر به من ترك التنافس عليها) ، ومن لم يطعمه فإنه مني إلا من اغترف غرفة بيده (مما لابد منه لإقامة الدين) ، فشربوا منه (تنافسوا فيها مُغفلين ما أُمروا به) إلا قليلاً منهم (ممن ثبتوا على أمر الدين الذي نشأوا وتربوا عليه دون أن تفسد الدنيا قلوبهم بالتنافس على رياستها من قبل) ، فلما جاوزه هو والذين آمنوا معه (من الصفوة الذين ثبتوا عند هذا الابتلاء فوجدوا أنفسهم قلة قليلة جداً بعد أن تمت تصفيتهم في امتحان بعد آخر) قال الذين يظنون أنهم ملاقوا الله كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله (فلا تضرهم قلتهم مادام الله قد أذن لهم بالنصر) والله مع الصابرين

 مرحلة أخرى : ولما برزوا لجالوت وجنوده قالوا ربنا أفرغ علينا صبراً وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين (فكانوا أهل إيمان ويقين تربوا عليه وحصل لهم من الإيمان وألوان العبادة ما ثبت قلوبهم عند هذا اللقاء غير المتكافئ بمقاييس الدنيا) ، فهزموهم بإذن الله (لا بخبرة قائدهم العملية ولا التاريخية ولا لأنه كان من سبط الملوك ولا لأن هؤلاء القلة كانوا قد أعدوا انفسهم إعداداً خاصاً تدربوا عليه سنين طويلة وإنما بإذن الله فقط لما أرضوه بإيمانهم إعتقاداً وقولاً وعملاً فأرضاهم بالنصر) .. وفي النهاية : ولكن الله ذو فضل على العالمين

((منقول))